كيف تستخدم أسلوب السرد القصصي لجذب العملاء؟
استُخدِم أسلوب السرد القصصي (storytelling) على نطاق واسع في التسويق الإلكتروني، بهدف جذب الانتباه للمحتوى المعروض، وتحقيق المزيد من الزيارات، وزيادة نسبة المبيعات للمنتجات المُعلن عنها. فلماذا تسيطر القصة دائمًا على عقولنا؟ وكيف يمكن استخدام هذا الأسلوب في جذب المزيد من الجمهور وزيادة المبيعات؟
ما أهمية استخدام أسلوب السرد القصصي في التسويق؟
من المعروف أن البشر يتأثرون بشكل كبير بالأسلوب القصصي. بل إنه يُعدُّ بمثابة عصاة سحرية تحرك هذه العقول المصطفَّة أمام الإعلانات. وذاع صيت هذا الأسلوب في الفترة الأخيرة وخاصة في منصات التواصل الاجتماعي، إذ يعدّه البعض السلاح السري لجذب الانتباه. يحقق هذا الأسلوب تأثيره نتيجة لعدة عوامل، تتمحور جميعها حول ما يريده العملاء. وقد استخلص الخبراء هذه العوامل من التجارب التسويقية التي حققت نجاحًا باعتمادها أسلوب السرد القصصي
العملاء دائمًا يرغبون في التعرف على القصة وراء المنتج
يتذكر العملاء الحملات الإعلانية التي تتضمن قصصًا بـ 22 مرة أكثر من الحملات التقليدية التي لا تحتوي على القصص. عندما تعرض الشركة منتجاتها أو خدماتها على العميل، يبدأ عقله في البحث على الفور عن أسباب إنتاج الشركة لهذا المنتج، وكيف يمكنه الاستفادة منه؟ وما الذي سيعود عليه إذا طلب هذا المنتج بالتحديد؟
بالإضافة إلى ذلك، يرغب العملاء بشدة في التعرف على كيفية إدارة الشركة لأعمالها وكيف تتعامل هذه الشركة مع موظفيها. ويرغبون أيضًا في التعرف على الكثير من التفاصيل الأخرى، التي يجيب عليها المسوِّق الذكي من خلال أسلوب العرض الإعلاني باستخدام السرد القصصي. فكل سؤال يطرحه العميل على ذهنه يمكن الإجابة عليه من خلال قصة مشوّقة تجذب انتباهه.
ينجذب الناس إلى ما يحرك مشاعرهم
من أهم العوامل التي تساهم في نجاح أسلوب السرد القصصي (storytelling) للعرض الإعلاني، هو أن هذا الأسلوب دائمًا ما يخاطب العاطفة لدى الجمهور. هذه العاطفة تحفز المؤثرات العصبية التي يطلقها المخ لاتخاذ القرار الشرائي. فيتجه العميل مباشرة بعد مشاهدته للإعلان إلى شراء السلعة أو طلب الخدمة، أو على الأقل ستُثار هذه المشاعر في كل مرة يرى فيها المنتج في منافذ البيع.
يحب الناس المحتوى الذي يوفر لهم التفاعل
التّفاعل هو من مميزات هذا الأسلوب، فعندما يتعرّف العميل على القصة وتجذب انتباهه، وتحرك مشاعره، يتجه على الفور لمناقشتها مع المحيطين به أو على منصات التواصل الاجتماعي. وهو ما يسبب رواجًا أكبر للمحتوى الإعلاني، وشهرة أوسع بين الجماهير. إذا كانت هذه هي أسباب نجاح أسلوب السرد القصصي (storytelling)، فما هي المعايير التي تستطيع من خلالها الحصول على قصة جيدة؟
كيف تستخدم أسلوب السرد القصصي؟
يحتاج أسلوب السرد القصصي إلى ثلاثة عناصر رئيسية يتعين عليك توفيرها في المحتوى الذي تقدمه، لكي تُحقِّق الاستفادة القصوى من هذا الأسلوب الذي يعلق بأذهان الجماهير ويظلُّ باقيًا في ذاكرتهم.
- اختر بطلاً
عليك أن تختار بطلاً لقصتك التي ستكتبها، ومن خلال التجارب التسويقية السابقة، توصَّل الخبراء إلى أن “العميل” هو أفضل بطل يمكنك اختياره لكتابة قصَّتك التسويقية. استخدم عملائك أبطالًا في قصتك، وارْوِ القصة من وجهة نظرهم، واجعلهم محور الحديث. فالعملاء هم جمهورك الذي تسعى لإرضائه وتكتب القصة من أجل الحصول على تفاعله.
- حدد هدفًا
لكل قصة حبكة تميزها. لكن يجب أن يشعر العميل بوجود هدف من وراء هذه القصة، حتى تثير القصة تفكيره، وتحرك مشاعره، وتزرع فيه الرغبة في التعرف على المزيد من الأحداث وكيف سيحل البطل المشكلات للوصول إلى الهدف. هذا الأمر سيجعل العميل يتابع قصتك التسويقية حتى النهاية، ويتتبع الهدف ويحاول توقعه قبل أن يخبره المحتوى بالهدف.
- ضع العقبات
سوف تكون قصتك مملة وغير مثيرة، إذا لم تكن هناك عقبات تواجه البطل. لكن إذا وضعت هذه العقبات وأوضحت كيف سيتغلب البطل على هذه المشكلات -بالطبع من خلال المنتج الذي تقدمه- ليتمكن من تحقيق انتصارًا في النهاية، فستكون قصتك التسويقية مُشوِّقة وستترك أثرًا لدى الجماهير.
هل للمحتويات المرئية تأثير مختلف عن المحتويات النصية؟
تتفوق المحتويات المرئية على المحتويات النصية. خاصة إذا استخدمت أسلوب السرد القصصي (storytelling). فطبقًا للإحصاءات، تؤثر المحتويات المرئية في السلوك الشرائي بـ 60 مرة أكثر من المحتويات النصية. لذلك، تُعد القصة البصرية أفضل من أي قصة تُبثُّ من خلال النصوص المكتوبة.
يشير الخبراء إلى أنه بحلول عام 2020، سيتم بيع أكثر من 200 مليون نسخة من سماعات الواقع الافتراضي. وهذا الأمر يدل على أهمية المحتوى المرئي، وأنه يأتي في مقدمة المنافسة مع المحتويات التسويقية الأخرى، ويتفوق على المحتوى الكتابي بنسبة كبيرة.
يذكر الخبراء أن الفيديو يأتي في المرتبة الأولى تليه الصورة ثم يليها النص. وذلك اعتمادًا على إحصاءات تسويقية جاءت نتائجها في صالح فئة الفيديو، إذ تشير تلك الإحصائيات إلى أن الشركات التي تستخدم الفيديو في إعلاناتها يحصلون على 41 في المئة نسبة زيادة في حركة مرور الويب أو الـ (web traffic). ومن هنا ظهرت فكرة الإعلان المصغَّر MINI AD. فهل سمعت عن هذا المصطلح من قبل؟
ما هو الإعلان المصغَّر؟
الإعلام المصغَّر ما هو إلا وسيلة دعائية تعتمد على أسلوب السرد القصصي (storytelling). انطلقت فكرة الإعلان المصغَّر -في البداية- على منصة فيسبوك في محاولة لتطوير العملية التسويقية. وجاءت هذه الفكرة من منطلق أن العميل الذي يستخدم الإنترنت ليس لديه متسع من الوقت ليشاهد إعلان بمدة طويلة أو يقرأ إعلانًا مكتوبًا، ولكن العميل يبحث دائمًا عن كل ما هو مختصر ويحمل الفكرة إليه بكل ذكاء.
لذلك، أُطلِقت فكرة الإعلانات المُصغَّرة لإنتاج فيديوهات إعلانية لا تزيد مدتها عن 6 ثواني. وكانت هذه هي أحدث اتجاهات العمليات التسويقية عبر الفيديو. بعد ذلك، أطلقت منصة يوتيوب تحدي “قصة الست ثواني” كنوع من التماشي مع فكرة الإعلان المُصغَّر الذي أُطلق على فيسبوك.
وعندما ننظر إلى هذا الأمر، نجد أنه لإنتاج هذا الإعلان أو هذه القصة في مدة لا تزيد عن ست ثواني، سنحتاج إلى كمّ هائل من الابتكار. وإلى صناع محتوى عباقرة يستطيعون إيصال الهدف في أقل زمن ممكن. من خلال أفكار إبداعية تعمل على زيادة التفاعل وتستهدف التميُّز، بوصفه أمرًا ضروريًا للغاية في عالم ينتج ما يقرب من 1.7 ميجابايت من البيانات في كل ثانية عن كل فرد يعيش على هذا الكوكب.
كيف تستغل أسلوب السرد القصصي لإنتاج محتوى متميز؟
ثمة مقولة شهيرة لأحد خبراء التسويق: “إذا لم تستطع أن تقول الحقيقة، فغيّر نشاطك التجاري حتى تستطيع القيام بذلك”. المصداقية أمر هام جدًا لدى العميل. ويتأثر العميل بشكلٍ كبيرٍ من التجارب السابقة للعملاء الآخرين تجاه هذا المنتج الذي تسوق له. لذلك، عليك أن تنال قدرًا كافيًا من الثقة. ستجد هذا الأمر شائعًا على منصات التواصل الاجتماعي من خلال ما يعرف بمنشورات الزوار التي يستخدمها العديد من رواد الأعمال في محاولة منهم لجذب انتباه المزيد من العملاء.
فهذه القصص الواقعية التي تنشر في منشورات الزوار، يثق القارئ بأنها حقيقية بنسبة مئة في المئة. فهي قصص من عملاء فعليين يحكون عن تجاربهم تجاه هذا المنتج. ومن خلال عرض هذه المنشورات يتأكد العميل من أن الشركة تتعامل بشفافية تامة مع عملائها وجمهورها المستهدف.
وكمثال على أهمية الشفافية والمصداقية، دعنا نتذكر شركة باتاغونيا. هذه الشركة هي شركة متخصصة في صناعة الملابس الرياضية الخاصة برياضات التزحلق على الجليد وتسلُّق الجبال، ولكنها تتبنى فكرة الحفاظ على البيئة من خلال إعادة تدوير بعض المخلفات، واستخدامها في صناعة منتجاتها. أوضحت الشركة أفكارها للعملاء من خلال الموقع الذي أطلقته بوصفه منصة تعريفية تسمح للعميل بأن يتعرف على المكونات التي تستخدم في صنع كل منتج من منتجات الشركة.
لكنها في عام 2011، أطلقت حملة دعائية تحت شعار غريب نوعًا ما، وهو “لا تشترى هذه السترة”.وتقوم فكرة هذه الحملة الدعائية على توعية المستهلك بأنه إذا لم يكن بحاجة لشراء هذه السلعة فمن الجيد ألا يشتريها، لأن هذه السلعة تستهلك الكثير من موارد البيئة، وربما تضر بالبيئة أثناء تصنيعها. واعتقد البعض أن هذه الفكرة ستؤثر بشكل سلبي على نسبة المبيعات، لكن ما حدث هو عكس ذلك!
إذ كان هدف الشركة من إطلاق هذا الشعار أن تروج لأن منتجاتها يمكن للعملاء استخدامها لفترة طويلة، ولذلك لا حاجة لهم في شراء منتجات جديدة. ولم تحقق الشركة أي خسائر نتيجة لهذه الحملة، لكنها حصلت في المقابل على شيء أهم من المكاسب في المبيعات، وهو أنها نالت ثقة عملائها، وعبّرت عن مصداقية الشركة.
بالإضافة إلى ذلك، تمكَّنت الشركة من بيع منتجاتها بأسعار مرتفعة بعض الشيء، لأنها استطاعت إيصال الفكرة الرئيسية للجمهور، وهي أن منتجاتها تتمتع بجودة عالية وتستحق هذه الأسعار. لذلك فإن المصداقية والوضوح والشفافية أمر ضروري للغاية في العملية التسويقية للحصول على ثقة العملاء.
كيف تصيغ محتوياتك الكتابية التسويقية بأسلوب السرد القصصي؟
يستخدم الكاتبون الدعائيون بعض الاستراتيجيات اللغوية للتأثير على عقول الجمهور بشكل أكبر. فتجد بعض الجمل الشائعة في المحتوى التسويقي الكتابي مثل “اضغط هنا”، “اشترِ”، “احصل على”، “شارك”، “اشترك”، وما إلى ذلك. وهذا هو الأسلوب الصحيح للترويج لمنتج أو خدمة ما من خلال الأسلوب الدعائي الكتابي. فبهذه الطريقة أنت تخبر العميل عن هدفك مباشرة دون أن يدخل العميل في التعرف على تفاصيل لا يتسع وقته لمناقشتها ذهنيًا.