أصبح الانشغال في السنوات الأخيرة مرض العصر، وبات الكلّ يبالغ في درجة انشغاله وعدم قدرته على إيجاد الوقت الكافي للراحة أو حتى للقيام بأيّ عمل إضافي. وفي الوقت الذي يكون فيه البعض مشغولين حقًا، فقد يحدث أن يكون الانشغال ظاهريًا ووسيلة للتهرب من بعض المسؤوليات. هذا ما يطلق عليه الخبراء في يومنا هذا: "المفاخرة بالانشغال" أو باللغة الإنجليزية: "Busy Bragging". فما هي هذه الظاهرة؟ وكيف تعرف إن كنت مشغولاً حقًا أم أنّك تتظاهر بذلك وحسب؟ أسباب ظاهرة الـ Busy Bragging أجمع الباحثون على أنّ أسباب المفاخرة بالانشغال، تتلخص في واحدة ممّا يلي:
1- الانشغال كحالة اجتماعية أن تكون مشغولاً يعني أنّك شخص مهم، لذا فكلّما زاد انشغالك، ارتقت اهمّيتك وأصبح من الصعب الاستغناء عنك والعكس صحيح، فكلّما قلّ انشغالك قلّت أهميتك وتدنى تقديرك لذاتك. هكذا يفكّر البعض، لقد ربطوا قيمتهم الذاتية بمدى انشغالهم، الأمر الذي يدفعهم في أحيان كثيرة إلى التظاهر بالانشغال تجنّبًا للشعور بأنهم بلا قيمة.
2- الانشغال لحماية وظيفتك يعبّر الإنشغال في مكان العمل عن أنّك تتحمّل مسؤولية كبيرة في وظيفتك، الأمر الذي يعطي انطباعًا إيجابيًا عنك. وهي نظرة نمطية متعارف عليها عالميًا على الرغم من أنّها ليست صحيحة دومًا، إذ يُنظر دومًا لمن لا يملك عملاً في الشركة والمؤسسة على أنّه أقلّ قيمة وكفاءة من أولئك الذين يقضون وقتهم مركّزين في حواسيبهم.
3- الانشغال كوسيلة للتهرب من المهام يعتبر الانشغال طريقة ممتازة وناجحة للتهرّب من استلام مهام ومسؤوليات جديدة في مكان العمل، فالأشخاص الأكثر انشغالا في الشركة أو المؤسسة لا يستطيعون استلام أيّ مسؤوليات إضافية أو مهامّ خارجة عن مجال تخصصهم.
4- الانشغال للاندماج في المجتمع أحيانًا يلجأ البعض للتظاهر بالانشغال حتى لا يظهروا بمظهر الغرباء بين أقرانهم. إننا نعيش في مجتمع منشغل للغاية، والجميع يردّد بل ويتفاخر بعدم قدرته على إيجاد وقت فراغ في حياته. لذا أن تكون أنت فرخ البطة السوداء والشخص الوحيد الذي ليس مشغولاً أمر غير مقبول.
5- الانشغال كعذر يعتبر الانشغال وسيلة جيدة وعذرًا مقبولاً للجميع للتهرّب من مختلف المناسبات والالتزامات الاجتماعية التي لا ترغب في حضورها.
6- الانشغال كشعور نفسي قد يكون الانشغال مجرّد وهم نفسي غير حقيقي، فالكثيرون يشكون من انشغالهم، ليس بهدف التظاهر، ولكن لأنهم فعلاً يشعرون بذلك على الرغم من أنّه ليس حقيقيًا تمامًا. ويعود السبب في غالب الأحيان إلى سوء إدارتهم للوقت. هل تشعر أنّك شخص منشغل على الدوام؟ وأنّك لا تملك ما يكفي من الوقت للانتهاء من كلّ واجباتك ومهامّك سواءً في العمل أو في المنزل؟ هل أنت متأكد حقًا من كونك مشغولاً وأنّك لا تتظاهر؟